Featured Video

الأحد، يونيو 12، 2011

قال ابن الجوزي عن الصداقة

((قال ابن الجوزي عن الصداقة))...

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .


فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فأخبره تقله – أي : فاختبره تبتعد عنه - .

" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 )

0 تعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More