سئل رحمه الله عن قوله : ما أصر من استغفر ، وإن عاد في اليوم والليلة سبعين مرة ) . هل المراد ذكر الاستغفار باللفظ ؟ أو أنه إذا استغفر ينوي بالقلب أن لا يعود إلى الذنب ؟ وهل إذا تاب من الذنب ، وعزم بالقلب أن لا يعود إليه ، وأقام مدة ثم وقع فيه ، أفيكون ذلك الذنب القديم يضاف إلى الثاني ؟ أو يكون مغفورًا بالتوبة المتقدمة ؟ وهل التائب من شرب الخمر ولبس الحرير يشربه في الآخرة ؟ ويلبس الحرير في الآخرة ؟ والتوبة النصوح ما شرطها ؟
.
فأجاب : الحمد لله . بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان ، فإن التائب من الذنب كمن
لا ذنب له ، كما في الحديث الآخر : ( لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار ) فإذا أصر على الصغيرة صارت كبيرة ، وإذا تاب منها غفرت . قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ } [ آل عمران 135 ] الآية . وإذا تاب توبة صحيحة غفرت ذنوبه ، فإن عاد إلى الذنب فعليه أن يتوب أيضًا . وإذا تاب قبل الله توبته أيضًا .
وقد تنازع العلماء في التائب من الكفر . إذا ارتد بعد إسلامه ثم تاب بعد الردة وأسلم ، هل يعود عمله الأول ؟ على قولين مبناهما أن الردة هل تحبط العمل مطلقا أو تحبطه بشرط الموت عليها ؟ .
فمذهب أبي حنيفة ومالك أنها تحبطه مطلقا ، ومذهب الشافعي أنها تحبطه بشرط الموت عليها ، والردة ضد التوبة ، وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة ، وقد قال تعالى : { تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } [ التحريم 8 ] . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { تَوْبَةً نَّصُوحًا } أن يتوب ثم لا يعود فهذه التوبة الواجبة التامة . ومن تاب من شرب الخمر ولبس الحرير فإنه يلبس ذلك في الآخرة كما جاء في الحديث الصحيح : ( من شرب الخمر ثم لم يتب منها حرمها ) . وقد ذهب بعض الناس كبعض أصحاب أحمد :
إلى أنه لا يشربها مطلقًا وقد أخطئوا الصواب الذي عليه جمهور المسلمين .
0 تعليقات:
إرسال تعليق